من أجل مستقبل أفضل لأطفال مصر !!
«اذهبوا فأنتم الطلقاء»..! بقلم مجدى الجلاد ١٦/ ١١/ ٢٠١١ |
فى المشى.. يهوى المصريون خطوتين: خطوة «للخلف در».. وخطوة «محلك سر».. لا نجيد السير المنتظم للأمام.. ولا نحب القفزات الواثبة والطموحة! فى الزمن.. لا يلمع المستقبل فى أعيننا.. نرتدى نظارة سوداء تعكس الماضى وتحجب الرؤية عن الحاضر.. لا نرمى الأشياء خلف ظهورنا لننظر إلى غد نصنعه بأيدينا.. نصحو صباحاً على رغبة فى تصفيات حسابات الأمس، فيضيع منا اليوم.. وتضيق عقولنا على استيعاب أحلام الغد! فى السياسة.. تخدعنا الأصوات العالية أكثر مما تقنعنا الأفكار الحكيمة.. يضحك علينا الساسة لتحقيق مصالحهم الخاصة.. فيغيب العقل الجماعى خلف «الشعارات الجوفاء».. وحين يخرج صوت حكيم من بين قعقعة الحناجر نخرسه، لأن شهوة الانتقام أكبر من إرادة البناء والتقدم! ليس هذا جلداً للذات.. وإنما هو تلخيص للحالة المصرية الراهنة.. كيف؟! تتمزق مصر على مدى ٩ أشهر فاصلة ما بين شهوة الانتقام من «فلول الحزب الوطنى»، وبين إرادة بناء أمة قوية وناهضة.. لا أحد يطرح فكرة أو حلاً لوضع كارثى يحيق بالبلاد.. ولا أحد يفكر بعمق: ماذا لو استغرقنا فى «محاكم التصفية ومعارك الفلول»، بينما يتضور الفقراء جوعاً، وينهار الاقتصاد والأمن فوق رؤوس ٨٧ مليون مصرى؟!.. لماذا تحاول بعض التيارات السياسية جر البلد إلى حرب ضارية لطرد ٣ ملايين مواطن من «جوف مصر»، مع علمنا جميعاً بأن ٩٠٪ من أعضاء الحزب الوطنى لم تكن لهم علاقة بما جرى، بل كان أكثرهم لا يعرفون عنوان «مقر الحزب»؟! سقط نظام وسقطت قوته.. فلماذا نهوى خلق «عفريت»، ثم نصرخ رعباً.. مات حزب، ودفناه بحكم القضاء والشعب.. فما جدوى إنهاك البلد فى معركة وهمية.. وإلى متى سنظل أوصياء على الشعب.. ولماذا لا نمنح المواطن حق عزل وإسقاط نواب «الوطنى» فى صناديق الانتخابات؟ هذا ليس دفاعاً عن «فلول الوطنى» المختبئة.. فأنا لم أخشهم وهم فى السلطة، فما بالنا وهم فئران مذعورة فى «الجحور».. وإنما خوف على بلد يتمزق، وشعب يدفع الثمن.. وإذا كان لدى أى طرف ممن ينادون بالانتقام منطق مقنع، فليقل لى ماذا فعل من أجل مستقبل مصر منذ ١١ فبراير ٢٠١١ حتى اليوم..؟ وحتى لا يجهد التيار الإسلامى الأصولى، أو الليبرالى، نفسه فى البحث عن منطق.. سأمنح كلاً منهما منطقاً من داخله: فى السنة الثامنة من الهجرة، نصر الله عبده ونبيه محمداً «صلى الله عليه وسلم» على كفار «قريش»، ودخل النبى مكة فاتحاً ومنتصراً، وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل مكة وقد امتلأت قلوبهم رعباً وهلعاً، وهم يفكرون ماذا سيفعل معهم الرسول بعد أن تمكن منهم، وهم الذين آذوه أشد الأذى، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد لربه، وحاصروه فى شعب أبى طالب ثلاث سنوات، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، وهم الذين تآمروا عليه بالقتل، وعذبوا أصحابه، وسلبوا أموالهم وديارهم وأخرجوهم من «وطنهم»..! ماذا فعل الرسول؟!.. قال لهم «يا معشر قريش.. اذهبوا فأنتم الطلقاء».. سيقول لى أحدهم «إنه الرسول والنبى الرحيم».. سأرد «إنه لا ينطق عن الهوى».. وسأزيد: «لم يكن ذلك رحمة لبنى وطنه فحسب.. وإنما نهج سياسى لرجل دولة عظيم.. قائد يريد أن يبنى دولة عظيمة، وينظر إلى الأمام.. ودون ذلك ما كانت الدولة الإسلامية وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها»..! ومع الفارق فى المكانة والمكان والزمان.. جاء الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا عام ١٩٩٤، بعد قهر شعبه على يد نظام عنصرى وسجنه أكثر من ٢٧ عاماً، لينشئ لجنة المصارحة والمصالحة، ويتم العفو بمقتضى قانون هذه اللجنة عما سلف من انتهاكات سياسية وأمنية، باستثناء الجرائم التى كلفت المواطنين حياتهم..! هكذا.. فعل الرسول «صلى الله عليه وسلم»، حين أراد أن يؤسس أعظم دولة فى التاريخ.. فماذا يقول الإخوان والسلفيون؟! وهكذا.. فعل نيلسون مانديلا.. عندما وضع مستقبل ومصلحة جنوب أفريقيا فوق «شهوة الانتقام»، فأرسى دعائم دولة مدنية قوية.. فماذا يقول الليبراليون؟! |
ساحة النقاش